في الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الثورة


عامان مرا ، و بعد
لازلت الأم الثكلى ، ثكلى … لازال الجائع يمارس نشاطه اليومي : البحث بين الذهن و الأرض عما يذهب الجوع عن الذات و أحبابها … صرخات أحباب الذات تقتلها، تفسد علاقات الود الأصلية بين غضب و صراخ و ندم
لازال الشهيد مجهول الهوية. لازال الشهيد ميتا في عيون الجميع : الدولة العليا ، و أولئك اللذين اعتنقوا دم الشهيد لحافا لحياتهم الجديدة. حتى أولئك الفنانين أو المناضلين ، لازالوا لا يرون فيه إلا الميت. لازال الشهيد لم يدرك أن الرصاصة اختطفته، مادامت الرصاصة، أمام محاكم العسكر، لم تنطلق رسميا. أتنطلق رصاصة دون أن يكون وراءها فاعل؟؟؟
عامان مرا، قد تغير السراق ألف مرة و مرة، لكن لم تفقد السرقة بهرجها و هيبتها و فحواها.
عامان مرا، و لازال ذاك الموظف الخادم، الآكل من قوتك و قوتي، و باسم السلاح اللذي اشتريناه بقوتك و قوتي، لازال ذلك الشرطي يعتبر نفسه أعلى منك و مني. لازال ذلك الجندي يعتبر نفسه سيدك و سيدي. لازالت تلك الجحافل تدافع عن قامعك و قامعي.
عامان مرا، و من كاذب بأمره، صرنا لمعشر من كاذبين آمرين متآمرين. و هؤلاء المعشر : نحن. كم هي قبيحة صورتنا أمام المرآة. كم هي جميلة آمالنا أمام المرآة. من حالة صمت مشترك، لحالة لغو مشترك. من حالة خوف ناعم، لحالة ريبة خشنة.عامان مرا. لازال الأزرڨ أقل من مواطن. لازالت الحڨرة حبيبة قلب التونسي الشريف. لازالت الكراهية نقطة الإشتراك الوطني. أحكم مسكها بن علي من فوق كما مسكها من قبله، و ترك مكانه لمن يتدرب على مسكها « من تالي ». لازال الريف هو الريف. لازال المهمش هو المهمش، نفسه لا غيار و لا ريبة فيه. فقط صار البكاء على المساكين رياضة وطنية، توزع فيها الجوائز أيام الألعاب الأولمپية. لازالت المجاري تتحول أنهارا مع أول قطرة غيث، و إن كان كاذبا.
عامان مرا ، رحل بن علي عن قرطاج لكن ظله لازال يسكن باقي البلاد. رأينا فيه حدود بطشنا. و تلك حدودنا. يداه ظلتا تسيران كافة المرافق و الإدارات. لازال التونسي تحت رتبة المواطن، كلما تيسرت له ظروف اللعنة و مر واجلا إلى إدارة. لازال الساسة لا ينظرون للهائمين بين ثنايا البلاد، و لازال الهائمون لا ينظرون لأمور أيامهم. لازال العامل لا يأخذ ما يربحه قوته، و لا يعطي ما يضمن قوت غيره. لازال الملوك هم الملوك، و الغلمان هم الغلمان.
عامان مرا، و عامان كافيان للرضيع كي يفتح عينيه. يحاول الكلام و اقتداء خطوة للمشي. أيتها الثورة/الرضيع، آن لك الوقت أن تفتحي العينين، و تقتدي الخطى، خطاك.
عامان مرا. تريدون منا أن نحتفل؟؟؟ بماذا؟؟؟ أبذكرى موت قتلانا نحتفل؟؟؟

سادتي، نحن قوم لا نحتفل بذكرى سقوط شهدائنا على السماء. ننتظر عودة الحق القائم على الإبتسامة اللتي اختطفت غدرا. سادتي، ما يفصلنا دم. و الدم ليس هينا.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *