قراءات : الأخوة كارامازوف، أو كيف بعبص دوستويفسكي فرويد

تقديم : في التركينة هاذي، كل مرة باش نقدم قراءة شخصية/ذاتية في عمل أدبي ولا فني : سواء رواية ولا دراسة ولا مجموعة قصص ولا شعر ولا اللي هو م الحكايات اللي نقراهم و يعجبوني. ما ندعيش « النقد الموضوعي »، لأني ما نامنش بيه. الحاجة الوحيدة اللي ننجمو نكونو فيها موضوعيين في قراءة الفن هو التحليل التقني البحت (تحليل نحوي، ولا تقنيات العمل التشكيلي)، باقيها تفسيرات و حاجات يولدها العمل في ذواتنا. الله غالب، بالنسبة لي العمل الأدبي/الفني ذاتي في الأساس، و استهلاكو كيف كيف.

م اللي صغير، نسمع بدوستويفسكي و قريت عليه في عديد الموسوعات و الدراسات، و حتى في دراسات التحليل النفسي الفرويدية. أما، ما نعرفش علاش، قعدت ياسر نتهرب من قراءة أعمالو. ديما يبانلي حاجة خشينة و لازمها مستوى و كذا. زيد الإحباط اللي خلفهولي ماياكوفسكي كيف قريت أعمالو الشعرية (صحيح حكايتو مزيانة، و رومانسية، و ثورة و سوفيات و كذا، أما برجولية أمور شعر ما جاش ع المضاغة) خلاوني ديما نحترس م المنتوجات الأدبية الروسية.
إلى أن لزني الڨلڨ، و شديت « الإخوة كارامزوف » المدة اللي فاتت. صارتلي حاجة عندها سنوات ما صارتليش، يظهرلي م اللي قريت « مائة عام من العزلة »، و كليت الكتاب ورا بعضو، في أقل من اسبوع. يمكن لو كان قريتو قبل العمر هذا، راني ما تمتعتش بيه كيما توة.أما ما نحكيلكمش. السيد طلع ولد قحبة صرف، أمور سخرية عميقة من كل شي.
كي كملت الكتاب، اكتشفت أنو عادي و عادي جدا فرويد يكرز منو. التقديم اللي كاتبو فرويد بكلو رزانة عص و تلكليك لكلاسيكيات « أوديپ » و الطفل اللي يقتل بوه خاطر يحب ينيك أمو. أما بما أنو ما فماش « أم حاضرة » في الرواية، يدور فرويد و يفسر الحكاية على أني كبت تفجر في تعبير فني و أنو الأم موجودة أما دوستويڢسكي المريض عرف يخبيها في برشة شخصيات أخرين و هاك اللاوي (تقول محلل عروبي يبرهن في المؤامرة الكونية ضد الجينات العربية عبر تضعيف القدرات الجنسية لأفحل ما أنجبت الأرض).
فرويد بيدو بطا في كتيبة التقديم، و كيف بعثلو شكون و قالو « حسيتك بلفطت في تقديم كارامازوف »، جاوبو فرويد بما معناه « أيه، على خاطر مجبور بما أني خلصت ع التقديم، أما دوستويڢسكي موش جوي ». و هو شيء، كيما سبق و قلت، عادي و عادي جدا. على خاطر دوستويڢسكي، و بكل بساطة، قام و بعبص كافة مقومات ديانة « التحليل النفسي »، من قبل ما يبداها سي فرويد. كيفاه، يقول القايل؟؟؟
مانيش باش نحرق الفيلم متع الرواية، التركينة هاذي ماهيش متع « تلخيص حصص المطالعة »، هذاكة علاه موش باش نرجع للأحداث. يكفي القول أنو دوستويفسكي، في الرواية هاذي، استعرض كافة النظريات متع علم النفس متع عصرو، و استشرف « المحدثين » اللي جايين (و اللي على راسهم التحليل النفسي) عن طريق حيلة ساهلة : دوستويڢسكي في اول الرواية، تحت حس مس، استعرض باستهزاء لكافة التيارات « لاموضة » متع أوروپا وقتها، و ورا اللي هوما بكلهم مجرد « لاموضة » و حكايات تحاول تصنع معاني تزبرية لناس متعودة تقرا كان رؤوس الأقلام و تنجرف ورا بعضها في تيارات علوشية، و نفس الطريقة اللي تطور بيها الفكر السياسي (المحافظة التقليدية، التزارية، الأورتودوكسية، الليبرالية الشهوانية و الإشتراكية) طبقها بتناظر على علم النفس، و خدم على التطور الميكانيكي الخطي المتوقع : استشرف كونو القارئ ينجم يتعدا للاوعي و الشهاوي المكبوتة و بيّنها و بعد ما صورها على أني « حقيقة مطلقة » لصفحات، جاب شخصيات تقوحبو عليها و نقدوها في الساس. ها الشخصيات هاذوما هوما بيدهم عندهم شخصيات أخرى تقوحبو على رؤيتهم للحياة. الرؤى الفكرية و الفلسفية حطها بكلها بعمقها و رزنها، لوين توصل ساعات تقتنع أنو الراوي مع الفكرة هاذي ولا الأخرى. أما بعد ما يحطها بالضبط، يعمل دورة و يوريك نفس المشهد و نفس الشخصيات في طمبك ڨعرانية الوضع اللي هوما فيه، و يخليك وحدك تشوف التناقض. الرومانسي المرتبط بمثل كبرى، و المتمرد على كل شي، و اللي يفهم كل شي، و اللي ما يفهم شي، و اللي يحب على مجد الزمان. هو كي تجي تشوف، بكلها بتناقضاتها تحب على « مجد الزمان »، و بكلها قاعدة فقط تخرا فيه.
تنجم تلقا مقاطع لكل تيار فكري، غنية بكثافة عميقة، و فيها قداسة المحيط كان لزم. أما اللي يموت، يجيّف مهما كان. و الشخصيات تعمل في مجهودها باش ما تتواصلش بالساهل بينات بعضها، و كل واحد يأسطر، بينما يكفي أنو يصير تواصل بسيط « شبه حيواني » كان لزم باش الناس الكل تاخو بايها و توصل لمبتغاها.
عادي و عادي جدا أنو « فرويد » يتنقرس من ها الرواية، على خاطر دوستويفسكي م الصفحة لولى، م التقديم، يقول بالواضح : « اسمعني، انت راك تفهملها برشة أخي الناقد و أخي القارئ، على ما تفهملها هاني باش نجيبلك حكاية فارغة و بش تشوف قداشي معبية، أما راهي فارغة ».
عمال نقدم في الرواية صفحة بصفحة، عمال المتعة تولي موش في الأحداث، أما في « الفازة » اللي بش يطلعلك بيها الراوي المتخفي ببراعة في وذنين القارئ : يخليه يبني دنيا و عالم في مخو، باش يرجعلو يرڨص في حواجبو و يقلو « انت توقعت هكة؟؟ مالا العصبة. و موش مني، قلتلك م الأول راهو ».
طريقة السرد، الطريقة اللي قسم بيها دوستويڢسكي روايتو، قمة في البساطة و التواضع، تقول دراسة ولا ملف صحفي على حلقات. و الحكاية لكل لغادي، السخرية لكل لغادي : بكلها حشوات، الأمور بسيطة و لا حقيقة إلا الجسد و الموت.
الحاصل، نصيحة مني : اللي يطيح بيه، يقراه.

pictures

 

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *